الثلاثاء، كانون الأول ٠٧، ٢٠١٠

صوت الموسيقى .. فـَراشاً





قبل فترة لفتت أمي انتباهي في تعليق عابر إلى أن الفراشات الملونة وحتى البيضاء لم تعد تظهر كالسابق...
فعلاً.. لم أَعُد أرى غير القليل من الفراشات الرمادية المخيفة ... والتي أحاول أن أحترمها فقط لاشتراكها "بالاسم" مع قريناتها الزاهية .. مع أنها تبدو هاربة من فيلم عربي قديم ...
أنا بالطبع لا أعيش في بيت مطل على فيلم "صوت الموسيقى" كي أستغرب اختفاء الفراش من الجنان المحيطة...
لكنني في طفولتي ، حين كنت أقضي ثلاثة أرباع النهار في الحديقة الخلفية .. كنتُ أراها .. و أسميها وهي ترسم متاهات في الهواء .. حتى أنني دفنتُ إحداها .. وقرأتُ على روحها الملونة الفاتحة...

الفراشة .. حشرة وحيدة لم أعتبرها حشرة ...
تنسحب من أيامي ... كما تنسحب ألوانها منها .. وكما ينسحب المحبون من وطن عربي فضفاض ...



الخميس، تشرين الثاني ١٨، ٢٠١٠

كيف تجعل مدونتك مشهورة؟؟؟.... لماذا ليلى؟؟




أقدمتُ على إنشاء هذه المدونة آخذةً كل حرف فيها على محمل جد.. لم أكن ألعب .. ولم تكن صدفة ... كنت قد تابعتُ بعض المدونات المصرية جداً.. والتي كانت تضرب بحساسية على وتر المفاجاة والجرأة ...

فهمتُ بشيْ من السطحية أن التدوين موجة جديدة تُحوِّل ما يُقال و يستقر على الشاشات إلى كتب صغيرة لطيفة الثمن، تؤرخ كُتّابها إلى ما شاء الله... ثم فهمتُ بشيء من التسليم اليائس أن هذا يحصل في مصر فقط .. لبعض المحظوظين تحديداً...


لأني لا أكذب ولا أتجمل.. فأنا أعترف بتعييني محركات البحث في مهمات استطلاعية غير مأجورة لمعرفة آخر طرق إشهار المدونات .. أنا ببساطة أريد أن " أ ُقرأ "...
النتائج لم تأتِ صادمة فقط .. بل استثنائية ..
-يجب أن أنتمي إلى "شلل" تدوينية ..
- يجب أن اشجع و أقابل و أعلق على تدوينات مشهورة بشكل دوري ..
وأن أغير شكل المدونة وأن أمنح القراء هدايا مجانية !!!؟؟؟ وأن أنشر عنوان المدونة على شكل ملصقات في كل مكان .. و كأن مدونتي المسكينة قررت أن تخوض " عرساً ديمقراطياً " آخر ..

سميتها ليلى ... ليلى التي قررت أن تجرب صوتها عله يكون أعذب من أصوات تَدَّعي وصلاً بها ...
في الإرث العربي تجد ليلى متربعة دائما على منصة عالية من الازدراء والنظرات الدونية واللا مبالاة .. دون أن يكون لها موقع قدم في أي حدث .. هي دائماً أمنية .. حلم .. سحابة .. ربما لذلك قررتُ إنزالها إلى حيث تستطيع التنفس، التأمل، الصراخ، التذكر، الثورة ... إلى حيث يمكنها أن تتمنى .. تحلم .. تُمطر...




الجمعة، تشرين الثاني ٠٥، ٢٠١٠

شتائيات...



إنها أنامل الشتاء... تتخلل أيامي بحدة مخففة بدفء الأرضيات المفروشة و البطانيات الثقيلة...
هي هي .. نفس اللمسات المبلولة التي قيدتني كثيرا خلف نوافذ موشاة ببخار مصدوم بالبرودة...
تُرى كم من مقيد خارج تلك النوافذ شاهدني وأنا أرسم - برفاهية امتلاك أربعة جدران وسقف - وجوهاً ضاحكة بإصبعي الوحيد البردان...؟!


الخميس، تشرين الأول ٠٧، ٢٠١٠

تغني..فقط...




أم كلثوم؟؟؟... أم كلثوم التي تغني الآن؟؟؟
تلك كانت إضافتي النوعية لحصة التربية الإسلامية في صفي الأول...
قبلها كان إيقاع الحصة يسير بتلقينية تميل إلى القصصية في بعض المواضع...
"وكان للرسول صلى الله عليه وسلم... قولوا ورائي:"صلى الله عليه وسلم"، نصرخ نحن بالصلاة،
وكان للرسول من السيدة خديجة: القاسم وعبدالله ، وأربع بنات: زينب، رقية، فاطمة وأم كلثوم."


ولأن الأسماء كلها كانت مألوفة عدا "أم كلثوم"، ولأن سذاجة طفولية حادة كانت تراودني فيما يتعلق بالزمن، فقد تكونت تلك القطعة من السيرة النبوية في ذهني كطبقة واحدة ملساء...
هل من الممكن أن تكون أم كلثوم "الوحيدة" التي أسمع بها الآن ( وقد مر على وفاتها في الحقيقة عقود)... هل من الممكن أن تكون هي "ابنة الرسول"؟؟؟؟

وصرختُ بالسؤال "إياه" مشدوهة...
وصرخت المعلمة كمن يدفع تهمة : لا... لا... الرسول كان زمااااااان... وابنته أم كلثوم توفيت من زمااااااان...رضي الله عنها..
- طيب .. من هذه "الأم كلثوم"؟؟؟
- هذه تغني... تغني فقط...


تنهدت طفلة كُنتُها .. تبلغ السادسة.. بأطنان من الارتياح غير المبرر...




الجمعة، أيلول ٠٣، ٢٠١٠

درس اليوم عن القمر


ببساطة.. أنزَلَته عن عرش الصفحة السماوية.. ليبقى كويكباً تابعاً مذلولاً، يدور في فلك الأرض كي يؤمن لها شهورها..
أشارت إلى صورة رمادية قاحلة.. معلنة أنه مظلم في الحقيقة.. تاركة لنا استنتاج أنه بالإضافة إلى قبح أخاديده وفوهاته يسرق.. أو-كما قالت هي- يعكس أشعة الشمس وينسبها لنفسه أمام كل الأطفال الذين لم يقرؤوا تلك الصفحة من كتاب العلوم...
بعد أن انتهت من تحطيم نوره المُعَتّق أمامنا .. تاملتنا ونحن نغالب أفكارنا التي لم تعد أفكارنا...
لملمت انتباهنا بصوت حاد.. قالت بنصف ابتسامة: سنرتب رحلة إلى القمر الشهرالمقبل.. للاشتراك إحضار موافقة ولي الأمر وعشرة دنانير..

في الحال انفصلتُ أنا عن مجموع الصف الثالث وعن صدمتي السريالية بالقمر.. لأراجع سخرية المشهد الذي وقع للتو ..

المعلمة تقول .. رحلة.. إلى القمر..تقولها بوجه جدي ... وصورة رائد الفضاء المنتفخ هذا.. تقول بوجود مثل تلك الرحلات... وإن لم تُذكر المسافة ، فقد ذُكرت سفينة الفضاء كوسيلة "متوفرة" ..
مستحيل...!!!!؟؟؟؟ ربما..!! لكن لا.. المعلمة لا تكذب .. لا تستطيع أن تكذب...

قطعت صديقتي كل حساباتي، صوري ببذلة الفضاء، قفزي على سطح القمر بـ " عشرة دنانير... كثير .. بابا لن يوافق...!!!"
يومها ... عرفتُ أن كذب القمر قد يكون معدياً...
اليوم... أحضر درساً عن القمر في كل نشرة أخبار...



الأحد، آب ١٥، ٢٠١٠

مع الخجل...



اقتربت مني .. مثقلة بسنين .. ولغة.. وابتسامة مُغلَّفة بوقار قروي ...

سنين ... أظنها لم تقل عن ثمانين ... فرشتها أمامي كأوراق وردة خبأها حب قديم و كتاب سميك..

لغة تركية.. ظلت تحاول تفكيكها لي بحركات يديها و بعض الكلمات العربية "الاسلامية" التي لجأتُ إليها أنا أيضا كي أخفي علامات الاستفهام والتعجب القافزة من عينيّ..

أما الابتسامة .. فكانت القصة.. التي رأيتها -رغم لحظية زمنها، وبساطة أدواتها- شريطاً فيلمياً قديماً .. قد ثبت كل الأيقونات المفقودة بين مربعاته.. وترك لها حرية تدويره..


اقتربَت مني ..وأنا أحاول الكتابة مستندة إلى أحد أعمدة المسجد الحرام .. ابتعدَت وقد كتبَت فِيَّ خجلاً من سوء قراءتي لنعم ربي..


الحمد لله...



الثلاثاء، آب ٠٣، ٢٠١٠

هناك... فقط..




حتى بنقصانها.. كانت كاملة...
إنها رحلتي إلى الديار المقدسة... والتي تزامنت بشكل غريب مع امتلاء الدنيا بأخبار مكورة .. واصطباغها بأعلام لا تدري هي نفسها لِمَ ترفرف بعيداً عن أراضيها...
وقت كانت الأمم تضخ قلوبها في أقدامها على أرض عانت ما عانت... كنت أنا أرتكز على اجتماعي بأمم ولغات وقلوب لتبرير الفرح الصغير.. المتسلل إليّ بين الصلوات..
هناك.. حيث يعرف الدعاء قدسية مغسولة.. ويُكسِبُ البشر أسماءهم تعريفاً مزدوجاً... هم أرواح لأجساد أخرى.. أو أجساد بأرواح أخرى...
هناك .. وهناك فقط.. وقفتُ مع بضع كلمات مشدوهات نتأمل انزلاقنا إلى امتحان لم نحضر له... ومع تلك الكلمات تحديداً حاولتُ التقاط دعوات واثقة من الطائفين والساعين حولي...

هناك .. وبشكل عجائبي.. رقص قلبي... وارتبط لساني..




السبت، أيار ٢٩، ٢٠١٠

هناك .. هنا ..




لطالما حركت فيَّ كلمة " أسطول " انقباضاً خاصاً ... ربما لأنها تجمع بين البحر بكل غياباته .. و السطوة بكل معاركها .. لكنني اليوم .. أطلق "أسطول حرية" في ذهني .. موازياً تماماً لذاك المتجه إلى "غزة"..
أراهم هناك .. يتهادون بسمات حين ينظرون إلى وراء .. و أغنيات مصقولة حين تعبر خيالاتهم -كاملة الاوصاف- ملح البحر ..
متجاوزين كل الأحاسيس المُعلَّبة .. يلتحقون بِرَكْب مُصَمَّم فعلاً .. مُصَمَّم جداً .. كي يكون قلباً صغيراً ينبض ببدائية الحرية .. وبساطة الأمل ..
إنهم هناك في حيز لا يتسم إلا بالزرقة .. زرقة مائية تسير بهم .. وزرقة سماوية تسير لهم .. يحملون بيوتاً جاهزة للحب .. أدوية .. أجهزة .. أغذية .. تَعِد بحياة " طبيعية " لأناس فوق الطبيعة ...
إنهم هناك ... أنا هنا ... أغبطهم .. أخاف عليهم .. أرجو لهم .. أرجو منهم .. وأنتظر...



الجمعة، أيار ٠٧، ٢٠١٠

ملابسات .. أبي الحروف ..




كانت تفتقد - وهي الطفلة المولعة بالقصص- شخصاً يجند نفسه ليروي لها كل الحكايا الحربائية اللون...
ومهما استحثت أبويها كي يكونا ذلك الشخص .. لم تجد منهما إلا ضيقا بذلك الدور .. لذلك اتخذت من التلفاز صديقاً يحكي.. حين يريد .. وحين تريد ...
ثم حصلت على "القراءة" .. أجمل الألعاب على الإطلاق... كان ذلك في عامها الخامس.. بعدها جاء هو.. "أبو الحروف" ... تعرفت عليه في ظروف غامضة ... هو أقوى من الشدة .. وأهدأ من السكون ... وهي أضعف من أن تتركه .. تجلس أمامه بسكون ...


في السادسة... استحالت "القراءة" واجبا لذيذا.. وأصبحت تهجئة الكلمات الجديدة .. الطويلة.. اللولبية.. مهمة سهلة..بل سهلة جدا.. لا تحتاج فيها طول المَدة.. ولا حدة السين.. هي إذن أبرع من "أبي الحروف".. نتيجة وصلتها بتلقائية..لكنها كانت تكره "خربوط" على أي حال..


لم يعد للتهجئة مكان في عامها السابع... هي الآن تحلل الكلمات .. تفككها .. تبعثرها كمكعبات اللعب .. تيقن تماما أن "الشدّة" هي حرف آخر متنكر بثوب "حركة" ... وتيقن أيضا أن "أبا الحروف" لا يعرف ذلك .. هي الآن أكبر من أبي الحروف.. وهو الآن ..ذكرى طفولة أمية..

بعد سنين مشغولة.. مشغولة.. في عشرينياتها .. تستقبل الأفق علها ترى أبا حروف واحدا... بين كل هؤلاء "الخرابيط"..




السبت، نيسان ٢٤، ٢٠١٠

???Are we Human? …Or are we Dancer




منذ فترة والمواد المسموعة تكتنف الجزء الأكبر من يومي... وتنصبني خبيرة في الموجات القصيرة والملفات الصوتية ... وغيرها مما يمكن تخبئته في جهاز صغير .. وسماعة أصغر....

ورغم أن معظم ما أسمع يقع في خانة " ما خف وزنه وغلا ثمنه " … إلا أنه لا يمنع الموجات القصيرة من نثر الفتات في أذني … وآخرها أغنية صاخبة أُسست على هذا السؤال…

????Are we Human? …Or are we Dancer

بصراحة... وضوح الاستفهام، و تلخيصنا جميعا في إنسان واحد أو راقص واحد قد لفتني ... ليس لأنني أبحث عن إجابة .. بل لأنني أرى الإجابات أمامي كل يوم... وأبحث عن السؤال...

من جهل الدنيا... ماذا يكون؟؟؟
من تجاهلته الدنيا...
من أتعب الحياة..
من تعب بلا حياة...
من طرد الأمل..
من طارده الأمل..
من ومن ومن ....

إن كان لي أن أستشير صديقاً لتقليص عدد الإجابات... فإني سأطلب ذلك إلى أُمّةٍ... جروحها طرية .. ومعاركها كروية...








الجمعة، آذار ٢٦، ٢٠١٠

لعبة...




كان يوما صيفيا باقتدار... يجر بتحامل أثقال الحر وطول المشوار... ويشدني كطفلة في السادسة إلى التراوح بين الإغماء واليقظة...
الطريق سريع... أنا أتوسط أختاي الصغيرتان في المقعد الخلفي للسيارة .. أمي صامتة ..أو ربما كانت تتحدث إلى أبي السائق بصوت لا أسمعه.. بحكم نوبات الإغماء...
هي الصورة ذاتها التي نمت في حضنها طول الطريق... إلى أن مزقتها أصوات عنيفة... جعلتني أفرج عن بصري ليصطدم بأختي ذات الثلاثة أعوام... متعلقة بباب السيارة المفتوح .. ومحلقة في الهواء.. تفترش وجهها ابتسامة لم أرها من قبل..

صرختُ باسمها منبهة أبي الذي توقف سريعا.. وأنزلها فزعاً... سقاها الماء وهي بين ذراعي أمي التي شرعت في الحمد لله والبكاء..
وحين اطمأنا إلى أنها بخير.. لم تكن قد غابت عني ابتسامتها بعد.. وعرفتُ أنها قد اخترعت لعبة رائعة لم أجربها.. لذلك وحين أراد أبي إعادتنا إلى السيارة ..
قلت له: دَوْري..!!! ولولا نظرة الغضب المخلوطة بالفزع الطازج التي كساني بها... لكررتُها...


قد تبدو قصة منسوجة بخيال طفلة تحلم بالطيران ... لكنها حصلت بالفعل... بل وتحصل كل يوم .. لكنني في النسخ المحدثة اليومية للقصة ... لا أصرخ بأسماء إخوتي المتشبثين بعربات الحياة ... ولا أنبه سائقي العربات لأنهم لا يسمعون.. ولا أجد لي دورا في اللعبة...






السبت، آذار ٠٦، ٢٠١٠

تنكرية...



ربما لم تعد سياط الكلام تلهب جلودنا كالسابق... لا بد أن أجسادنا اكتسبت مناعة تقمصتها ضمائرنا من قبل...
كلماتنا قصيرة اللفظ ... قصيرة التأثير ... تتبخر أمامنا كساعة لقاء ... وتطرق وعينا بشكل الدمعات التي نسكبها فوق بُعد من أبعاد الغياب...
فلماذا إذن نجبر أقلامنا اللينة على أن تهب حبرها للبياض ... ليس إلا جوابا نحيلا اختفى وراء علامة استفهام كي لا يُصدم بالسؤال...




الجمعة، شباط ١٩، ٢٠١٠

ملحن اقتصادي...




لمدة ساعة اضطررت للاستماع إلى دراسة لملف اقتصادي..
وبما أن ناقتي وجملي في الاقتصاد قد انتحرا كمداً..!!
 فقد انصب تركيزي على الكلمات...
" المكاشفة ، عدم تأجيل الأزمات ، آخر الحلول ، ارتفاع نسبة الدين العام ، لن نتخذ قرارات شعبية..."
أحسستُ أن كائنا مبهما يندس في أفكاري... لونه بلون الفقر ... يصر على تكرار تمثيل مشهد الجوع الافريقي أمامي... ويتخذني عضو لجنة تحكيم لعمل فني عنونه ب "متلازمة العين البصيرة واليد القصيرة..."





الاثنين، شباط ٠٨، ٢٠١٠

وطن...


لا بد أن الفراشات تخترع أوطانها... من شرنقة تضيق باْجنحتها... الى فضاء ترمي بأنفسها فيه ، ناشرة ألوانها على أزهار تعتبرها أيضاً أوطانا مؤقتة...

تأسرني فكرة أنَّ أحكم الفراشات هي من تستوطن الرحلة اللا نهائية التي تمتد أمام لحظة تحررها ... فتمسي الشرنقة والفضاء والزهور بيوتا تسكن إليها قليلا لتفرش وطنها على الأفق...

الأربعاء، شباط ٠٣، ٢٠١٠

تدور...




     دخلت مطعمه المفضل.. جلست مقابل مكانه المفضل... وطلبت قهوته بكثير من السكر وقليل من الكريما على عكس ما يحب... هي دائما تبدا بما يسر وتنتهي إلى ما يستفز... 
     حين دخل ... ابتسمت ببراءة ... طلبت القهوة بقليل من السكر وكثير من الكريما... واختصت نفسها بالاستفزاز...


الأحد، كانون الثاني ٣١، ٢٠١٠

ألوان في الخامسة




في الروضة... لم نستعمل يوما قلم الرصاص... كانت أقلام التلوين السائلة هي الراعي الرسمي لشخبطاتي.. ويبدو أنني كنت بارعة في تحويلها إلى أدوات سحرية للعبث... كنت أحفظ الألوان بتفاصيلها .. أميز الغامق والفاتح... وككل البنات أختار "الوردي" كلوني المفضل...

لا أذكر حدا لحصة معينة... وكأن المواد كانت تمتزج معاً لتشكل في النهاية يوما لبنت في الخامسة...
لكن حصة رسم واحدة تفردت بطريقتها !!



 دخلت المعلمة وفي يدها صورة قد رسمتها ل
"Mickey Mouse"

علَقَتْها... ثم وزعت علينا دفاتر الرسم ... وبدأْتُ بخوف ما اعتقدت أنه لن ينتهي... رسم "Mickey Mouse"

في كل خط كنت أكره المعلمة أكثر لفرضها رسم شيء معقد كهذا.. في النهاية دارت المعلمة لتسترجع الدفاتر، والتي لم أدر يوماً لِمَ كانت المدرسة تستبقيها هي وباقي كتبنا... توقفت عندي... شهقت... ثم قالت:
ما أحلاه...
في ثانية كان الصف كله يتحلق حولي، متأملاً تحفتي الفنية الأولى... وفي المقابل كنت أتأملهم مشدوهة...
ألم ترسموه أنتم أيضاً...؟؟؟!!

لتذبذب حظي... كنت الوحيدة التي فهمت تعليق الصورة كأمر بنسخها... والوحيدة أيضاً التي نالت تقديراً على لزوم ما لم يلزم....

بعد تصليح بسيط لما بدا أنه خلع ولادة في ساق الشخصية... أصبحت الصورة على استعداد للعرض على المديرة... التي أردنا أن تحيلها على قسم المعروضات الفنية خارج صفنا...
كنت أحب المديرة ، فذهبت بابتسامة فخر...حين رأتها ابتسمت هي الأخرى، كطفلة.. لم أستوعب ملامح وجهها... لكنها فاجأتني بشيء أبيض مغلف وضعته في يدي...
خرجتُ من المكتب مأخوذة بالصورة الكرتونية عليه... رائحته العطرة.. و تغليفه الأملس... أعلنت لنفسي و لأصدقائي أن قطعة مما يشبه الجنة بين يدي...
عدت إلى البيت... حدثت أمي بمغامرتي... أريتها وأختاي الصغيرتان كنزي... قالت إنها ممحاة... لم يغير ذلك شيئاً من رؤيتي لها... لذلك اقترحَت أن نخبئها في خزانتها... فعلْتُ .. وسدتُها مكانا مميزا بين إكسسوارات أمي... ألقيتُ عليها نظرة حب.. ومضيت..


بعد ساعة عدت لأطمئن عليها... لم أجد قطعة واحدة بل اثنتين... عليهما آثار عضة قاصمة... صرختُ حاملة كنزي الجريح إلى أمي... ولم أهدأ إلا عندما تذكرتُ أنني كدت آكله أنا أيضاً حين استقر في يدي...




الجمعة، كانون الثاني ٢٩، ٢٠١٠

صورة وأصل




لقد فقدت الكلمات... وفقدت معها صوري... لذلك استعرت بكل لهفة صورة لي من ألبوم صوره هو... عدوي الأملس... الذي لم أستطع أن أثبته يوما في زاوية الاتهام...


وضعت الصورة في إطار العار... وعلقتها في صدر بيتي... فعلت ذلك بلا تفكير ... بلا أمل.. وبشيء من التسليم... لم تكن كل ملامحي تحتل الصورة ... وبعد التدقيق، رأيت خط كذب يكتنف حدود وجهي... كل ذلك لم يردعني عن قبولها...  كنت بحاجة لما يغطي صمم جداري.. وربما صمم نفسي...

لبثَت هناك... وتسلل إلى نفسي بعض الرضا لأنها هناك... لم تزعجني الخطوط التي انسلت فيها .. وحولتها ببطء إلى صورة لشخص مبهم يرضيني وجوده على جداري أكثر...

عندما سُئلت عنها... أجبت بحسم أنها صورتي... وعندما قالوا أنها لا تشبهني... وأنها نسخة مشوهة عن كائن قبيح ... ربما كان شيطاني ... طردتهم ... ركضت إلى المرآة .. لم أجد فيها إلا نسخة مشوهة عن شخص مبهم خنقني تقليده لحركاتي المشدوهة ... حطمتها .. وعلقت صورتي المؤطرة بالعار مكانها...






الاثنين، كانون الثاني ٢٥، ٢٠١٠

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...