الأحد، كانون الثاني ٣١، ٢٠١٠

ألوان في الخامسة




في الروضة... لم نستعمل يوما قلم الرصاص... كانت أقلام التلوين السائلة هي الراعي الرسمي لشخبطاتي.. ويبدو أنني كنت بارعة في تحويلها إلى أدوات سحرية للعبث... كنت أحفظ الألوان بتفاصيلها .. أميز الغامق والفاتح... وككل البنات أختار "الوردي" كلوني المفضل...

لا أذكر حدا لحصة معينة... وكأن المواد كانت تمتزج معاً لتشكل في النهاية يوما لبنت في الخامسة...
لكن حصة رسم واحدة تفردت بطريقتها !!



 دخلت المعلمة وفي يدها صورة قد رسمتها ل
"Mickey Mouse"

علَقَتْها... ثم وزعت علينا دفاتر الرسم ... وبدأْتُ بخوف ما اعتقدت أنه لن ينتهي... رسم "Mickey Mouse"

في كل خط كنت أكره المعلمة أكثر لفرضها رسم شيء معقد كهذا.. في النهاية دارت المعلمة لتسترجع الدفاتر، والتي لم أدر يوماً لِمَ كانت المدرسة تستبقيها هي وباقي كتبنا... توقفت عندي... شهقت... ثم قالت:
ما أحلاه...
في ثانية كان الصف كله يتحلق حولي، متأملاً تحفتي الفنية الأولى... وفي المقابل كنت أتأملهم مشدوهة...
ألم ترسموه أنتم أيضاً...؟؟؟!!

لتذبذب حظي... كنت الوحيدة التي فهمت تعليق الصورة كأمر بنسخها... والوحيدة أيضاً التي نالت تقديراً على لزوم ما لم يلزم....

بعد تصليح بسيط لما بدا أنه خلع ولادة في ساق الشخصية... أصبحت الصورة على استعداد للعرض على المديرة... التي أردنا أن تحيلها على قسم المعروضات الفنية خارج صفنا...
كنت أحب المديرة ، فذهبت بابتسامة فخر...حين رأتها ابتسمت هي الأخرى، كطفلة.. لم أستوعب ملامح وجهها... لكنها فاجأتني بشيء أبيض مغلف وضعته في يدي...
خرجتُ من المكتب مأخوذة بالصورة الكرتونية عليه... رائحته العطرة.. و تغليفه الأملس... أعلنت لنفسي و لأصدقائي أن قطعة مما يشبه الجنة بين يدي...
عدت إلى البيت... حدثت أمي بمغامرتي... أريتها وأختاي الصغيرتان كنزي... قالت إنها ممحاة... لم يغير ذلك شيئاً من رؤيتي لها... لذلك اقترحَت أن نخبئها في خزانتها... فعلْتُ .. وسدتُها مكانا مميزا بين إكسسوارات أمي... ألقيتُ عليها نظرة حب.. ومضيت..


بعد ساعة عدت لأطمئن عليها... لم أجد قطعة واحدة بل اثنتين... عليهما آثار عضة قاصمة... صرختُ حاملة كنزي الجريح إلى أمي... ولم أهدأ إلا عندما تذكرتُ أنني كدت آكله أنا أيضاً حين استقر في يدي...




الجمعة، كانون الثاني ٢٩، ٢٠١٠

صورة وأصل




لقد فقدت الكلمات... وفقدت معها صوري... لذلك استعرت بكل لهفة صورة لي من ألبوم صوره هو... عدوي الأملس... الذي لم أستطع أن أثبته يوما في زاوية الاتهام...


وضعت الصورة في إطار العار... وعلقتها في صدر بيتي... فعلت ذلك بلا تفكير ... بلا أمل.. وبشيء من التسليم... لم تكن كل ملامحي تحتل الصورة ... وبعد التدقيق، رأيت خط كذب يكتنف حدود وجهي... كل ذلك لم يردعني عن قبولها...  كنت بحاجة لما يغطي صمم جداري.. وربما صمم نفسي...

لبثَت هناك... وتسلل إلى نفسي بعض الرضا لأنها هناك... لم تزعجني الخطوط التي انسلت فيها .. وحولتها ببطء إلى صورة لشخص مبهم يرضيني وجوده على جداري أكثر...

عندما سُئلت عنها... أجبت بحسم أنها صورتي... وعندما قالوا أنها لا تشبهني... وأنها نسخة مشوهة عن كائن قبيح ... ربما كان شيطاني ... طردتهم ... ركضت إلى المرآة .. لم أجد فيها إلا نسخة مشوهة عن شخص مبهم خنقني تقليده لحركاتي المشدوهة ... حطمتها .. وعلقت صورتي المؤطرة بالعار مكانها...






الاثنين، كانون الثاني ٢٥، ٢٠١٠

LinkWithin

Related Posts Plugin for WordPress, Blogger...